كيف يتقاضى النائب الأردني 9 آلاف دينار ؟
كيف يتقاضى النائب الأردني 9 آلاف دينار ؟
لا أحب أن يفهم أي نائب يقرأ هذه المقالة ، أنني ضد أن يعيش حياة كريمة ، أو أن يتقاضى ما يكفيه خلال خدمته النيابية ، ولكن الأمر بات ملحا ويجب أن يصغي كل نائب كريم لهذه المقالة التي أعتقد أنها تهمه ، إن كان يرغب في أن يعيش تجربة السبع سنوات التي أقرها هو من أجل أن ينال تقاعده مدى الحياة .
وللقراء الأعزاء أقول : إنه من حقكم جميعا أن تعرفوا ملابسات إقرار قانون التقاعد المدني، فأنتم من تدفعون رواتب الجميع :
لقد فشل رئيس مجلس النواب المهندس سعد هايل السرور خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الخميس في الدفاع عن قانون التقاعد المدني الذي أقره مجلس النواب ، معتبرا ردة الفعل الشعبية الغاضبة على القانون غير مبررة ، ومبالغا فيها ، بل وصل الأمر بأن يصف منتقدي المجلس بأنهم لم يفهموا ما أقره النواب ولم يقرأوه وهو خطأ فادح ، وقع به رئيس الدبلوماسية النيابية الذي يفترض به ان يكون أكثر حلما وأوسع صدرا ، فالصحفيون يقرأون تماما ، والنقد البناء لا يفسد للود قضية ، والمسألة هنا مسألة وطن لا مسألة خواطر .
لقد أعاد معالي الرئيس إلى الأذهان المادة 34 التي أدرجت بقانون التقاعد في العام 1959 ، وذلك ليدلل أن تقاعد النواب قديم ولا علاقة للمجلس الجديد به ، وهذا في ظاهره صحيح ، ولكن نسي معالي رئيس المجلس : أن حكومة سمير الرفاعي ألغت هذا التقاعد ، وأن مجلس النواب السادس عشر رفض هذا الإلغاء ، ليكون قرار الملك في النهاية رفض الرفض ، والطلب من الحكومة إعداد قانون عادل يتساوى فيه الجميع ، وعلى هذا الأساس ، فإن استدلال السرور بالقانون القديم ، وبأن تقاعد النواب سابق أصلا لمجلس النواب السابع عشر ، هو استدلال حق أريد به باطل مع احترامي ، والباطل هنا رفض مجلس النواب السابق القانون الذي ألغى تقاعد النواب في العام 2010 .
وتطرق المهندس السرور في مؤتمره الصحفي إلى أن المجلس لم يطلب رفع رواتب أعضائه ، بل طلب مساواة رواتب النواب بالوزراء ، ولا أريد أن أعقب بقدر ما كنت أربأ برجل بحجم السرور أن يقول ما قال ، خاصة وأن تخفيض رواتب الوزراء ليس مقصودا في ظل وجود مجلس أقر قانون الجمع بين راتب التقاعد وراتب النائب العامل ، إذ إن ما ذهب إليه السرور عن أنهم لم يطلبوا رفعا لرواتبهم بل مساواة برواتب الوزراء ينافيه إقرارهم الجمع بين الراتبين والذي كان بإمكانهم إلغاؤه ولو فعلوا ذلك لتبين الناس صحة النوايا ولكان الأمر مقنعا للمواطنين ، حيث إن المرء يبدأ بنفسه ، فإذا كانت الحجة أن هذا الأمر موجود في قانون عمره 54 سنة ، وهو عمر القانون الذي استند إليه رئيس المجلس ، فإن قانونَ تقاعد جديدا عرض على المجلس ، وهو صاحب الولاية الدستورية في التشريع ، فمن الذي منع المجلس من إلغاء هذه المادة طالما أنه ناقش القانون كله ، أم أن المجلس توقف عند ما يعنيه شخصيا فقط وأسهب في النقاش والإقتراحات وتداخل الأفكار ، إلى أن استقر القانون على ما استقر عليه ؟؟ .
فإذا كان راتب الوزير " الأساسي " يصل إلى ثلاثة آلاف دينار ، يتبعها بدلات بنفس القيمة مثلا ، فإن ما يتقاضاه النائب يصل إلى راتب الوزير الأساسي ، حيث إنه يتقاضى ثلاثة آلاف دينار هو الآخر إن حسبنا البدلات ، ولكن النائب يعمل يومين أو ثلاثة في الأسبوع بينما يعمل الوزير خمسة أيام ، وإذا تمت المساواة ، فإن راتب النائب سيصل إلى 6 آلاف دينار شهريا ، فهل درس النواب ردة الفعل لدى المتقاعدين والعاملين من موظفي الدولة ، وأتحدث هنا عن الأرتدادات النفسية والشعور بالظلم وكيف سيكون انعكاس ذلك على الأداء لدى الموظفين العامين بمختلف تنوعهم ، يضاف إلى هذا أن الستة آلاف دينار التي يطالب النواب بها إن تمت مساواة رواتبهم برواتب الوزراء كما قالوا من خلال إقرارهم القانون ، تحسب لهم من أول يوم عمل ، وليس عن السبع سنوات التي تشترط حصول النائب أو الوزير على التقاعد ، فإذا تساوت رواتب الوزراء والنواب برفع رواتب النواب ، يصبح النائب يتقاضى فعلا ستة آلاف دينار ، ولكن إن كان انطبق عليه شرط السبع سنوات ، فإنه يصبح يتقاضى تسعة آلاف دينار شهريا تقريبا ، وقد تقل أو تنقص قليلا ، وهناك عشرات النواب في المجلس السابع عشر تنطبق عليهم الشروط ، ومنهم معالي الرئيس ، وهذا هو واقع الحال لمن لا يعرف ، فماذا يقول الموظف الذي قضى عقودا يعمل في الخدمة العامة ، عندما يرى نائبا " ابن مبارح " ( ونعني هنا الخدمة وليس الإحترام الذي نكنه للجميع ) يقبض راتبا بهذا الحجم ، من خلال الجمع بين راتبه التقاعدي وراتبه كنائب ، أم أن رئيس المجلس سيعود للمادة34 المذكورة والصادرة بقانون سحيق ويقول لنا : إن ما يتقاضاه النائب ليس راتبا بل مكافأة أو " بدلات " سموه ما شئتم - ، فإذا كان نصفه مكافأة ، فلماذا يطالب بمساواة راتبه الأساسي برواتب الوزراء ، أليس هذا يعني أن يصل راتبه إلى الرقم المذكور ؟ .. نريد أن نفهم ! .
ثم إن هناك قضية خطيرة لم يتطرق إليها معالي رئيس المجلس ، وهي أنه في حال حل المجلس لأي سبب ، حتى لو كان الحل مشفوعا بنص دستوري ، فإنه يحسب للنائب 4 سنوات خدمة كاملة حتى لو لم يخدم سوى يوم واحد ، فهل هذا عدل وعدالة ، بل هل هذا وارد في أي برلمان في الدنيا ، وهو سؤال نطرحه على المهندس السرور الذي اشتكى من أن راتب النائب الأردني اقل راتب من بين رواتب النواب في الوطن العربي ، وهذه أخطأ فيها أيضا ، لأن السؤال هنا : هل تخضع البرلمانات العربية التي استند إليها السرور لهذه الحسبة العجيبة ؟؟ .
للعلم ، فقط ، وهذه للذكرى ، فإني كاشف أمرا لا يعرفه أغلبية السادة النواب ، وهو أن الأردن يدفع فوائد ديون تتجاوز الخيال ، فما هو شعور كل نائب صوت لصالح إقرار قانون التقاعد المدني إن علم بأن الأردن دفع في العام 1990 كفوائد دين مبلغ 500 مليون دولار ؟؟ ..
إذا كان الأردن دفع كفوائد ديون نصف مليار دولار في العام المذكور ، حينما كانت مديونية البلد بحدود 7 مليار دولار ، فكم يدفع الأردن الآن كل سنة كفوائد ديون على مديونية بحدود 25 مليارا .
أتحدث هنا عن فوائد " الديون ، ولا أتحدث عن الديون !! .
حمى الله الأردن .
د.فطين البداد
fateen@jbcgroup.tv
تابعونا بكل جديد على صفحتنا على الفيس بوك لايك وشير
0 التعليقات:
إرسال تعليق