نيسان والكذب والغباء
بقلم رنا شاور
ليس فقط أن دراسة نشرتها صحيفة الديلي ميل البريطانية قد برّأت النساء من تهم الثرثرة ، وأوضحت أن الرجل أكثر استخداماً للغة، لكن دراسة ثانية كذلك برّأت المرأة من صفة الكذب. فقد ذكر عدد سابق لمجلة نيوزويك أن جينات الكذب لدى الرجل متقدة لديه أكثر من المرأة ، مع أن الأخيرة لديها القدرة على إدارة عدة أكاذيب مرة واحدة لمهارتها الإتيان بتفاصيل عديدة تحبكها بشكل درامي لو تطلب الموقف، عكس الرجل الذي يفتقد مهارة التفكير بعدة تفاصيل جملة واحدة ويرتفع لديه هرمون الأدرينالين عند طلب المزيد من التوضيحات حول كذبة من نسج خياله.
وعلى سيرة الكذب أعلن تضامني مع نيسان وهو على أعتاب الرحيل. إنه أجمل شهور العام الذي ألصقت به هذه الصفة زوراً وبهتاناً، وهذا يحيلنا للتفكير بأبعد مايتّهم به ، هل لأنه الشهر الأجمل نرميه بالكذب.. أم أنها الغيرة الأبديّة من الجمال، وتلك طبيعة الانسان التي تتوالد من نفسها كما قال شكسبير، وإن (عطيل) كان يغار فقط لأنه يغار!.
أعلن كذلك تضامني مع الجمال الذي ألصق زوراً بالغباء، فعلى مدى عقود طويلة تناقل الناس المثل الجائر كوني جميلة واصمتي، لينطبع خطأ في ذهن الأجيال أن من تمتلك وعياً وفكراً لا بد أن لها بوز «تشومبي»، وكأن الجمال يناسب فقط امرأة لا تتعدى ثقافتها طلاء الأظافر دون أن يكون لها علاقة بالعقل والفكر والانجاز.
ألصقنا بالجمال تهم الغباء والكذب ، وتساهلنا في ذات الوقت مع قبحنا وكذبنا اليومي وألبسناه وشاحاً أبيض وغلفناه بورق لامع،حتى تغلغل الكذب والقبح داخل أسلوبنا التخاطبي اليومي ، وصار من السهل حسابياً على البعض تعداد مرات الصدق في الكلام والفعل بدل تعداد مرات الكذب.
يرحل نيسان تاركاً ألواناً تضجّ بكل مكان، يرحل معلناً براءته من الكذب ويبقى ابداعنا في الكذب على أنفسنا ، كما يقول الفيلسوف الألماني نيتشه، فالكذب بحد ذاته ابداع يصيب الكاذب بالدهشة حتى يحدث فجأة أن يصدق الكاذب نفسه. ذكّرني هذا كلّه أيضاً بإعلام «غوبلز»: اكذب اكذب حتى يصدقك الناس. بأي حال يانيسان ، الموتى وحدهم لا يكذبون.
0 التعليقات:
إرسال تعليق