المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا

إنظم لصفحتنا على الفيس بوك

المرجوا إنتظار 30 ثانية تجاوز

الجمعة، 24 يناير 2014

عندما يصبح الأطفال طعاماً للكلاب بدرية وذراع أكلتها الكلاب

بدرية وذراع أكلتها الكلاب

أبدان كتب الله لها النجاة، وأخرى ظلت منهوشة ينقصها قطع لحم لتكتمل مرة أخرى، عظام تحت لحم آدمى، ظهرت وتراءت أمام الأعين المُجردة، مشاعر متناقضة، أُم طفلها قُتل ترقد إلى جواره وتخاطبه وكأنه ما زال موجودا معها، أخرى يأتيها هاتف بأن ابنها فى المستشفى نتيجة «عضة كلب» فلا تُبالى كونها اعتادت الأمر، وسيدة تسير صوب منزلها صباحاً، فتصير مركزاً لدائرة تتوسطها من طاله «العضّ» و«النهش» و«القتل»، المنطقة السكنية أصبحت حديقة حيوان مفتوحة، غابة ملكها «الكلاب»، حتى لو كتب الله لأشخاص النجاة، فما زال صوت تقطيع لحم وأذن «بدرية» فى أذنها، ويستيقظ «ياسر» كل يوم مفزوعاً من مرقده وقت سماعه لأى نباح، وتستمر «أم أحمد» فى مخاطبة وليدها الذى ربته 11 سنة وفى النهاية ذهب فى «عضة كلب».
الكلاب، هنا المُقطم؛ حيث لا فرق بين طفل أو سيدة أو شيخ عجوز، الجميع

«بدرية»: «صوت تقطيع الكلاب فى لحمى مش قادرة أنساه».. و«رمضان»: «الكلاب دى مابتخافش.. وشكلها غريب»
الشمس فى قمة أوجها، الساعة الثانية ظهراً، الصمت يعُم مساكن البحر الأحمر بمنطقة المقطم، اللهم إلا همهمات أطفال تخرج منهم أثناء لعبهم بالكرة، يمشى «أحمد حمدى» ابن الـ11 عاماً، على استحياء مرتدياً زيه المدرسى، يراقب بعينيه زملاءه وهم يلعبون، أصوات نباح الكلاب اقتربت منهم، لم يعبأوا بالأمر، وظلوا فى لعبهم يمرحون، قبل أن يهاجم قطيع منها لاعبى الكرة من الأطفال، فتبعدهم عن المكان، فى الوقت الذى ظلّ فيه «أحمد» جالساً على الرصيف مُراقبا للأمر، مفزوعا مذعورا، حاول الجرى وراء زملائه، لكنه فوجئ بثلاثة كلاب تحاصره، انقض أحدها عليه فسقط الطفل بجسده النحيل، صُراخه كان كفيلا بأن يترك عم «صلاح» بضاعته التى يبيعها ويذهب لتفقد الأمر، خرج متعكزا على عُكاز طبى، فوجد أكثر من 7 كلاب ضخمة تقتاد الطفل الصغير صوب الجبل، حاول الصُراخ، لكن أحدا لم يستجب، فى الوقت الذى كان يهُم فيه أحد الكلاب بغرز أنيابه فى عُنق الطفل الصغير، لم يلتفت الحيوان إلى الرجل العجوز، ليغرز أنيابه دون النظر إلى أى شخص يعُطل مهمته.

الدماء خرجت كنافورة مياه فى أحد ميادين المحروسة، تتدفق بقوة من عُنق الطفل «أحمد»، وقف «صلاح»، الرجل العجوز، مذهولا، سار بخطوات سريعة، رغما عن عُكازه، تخلل جسده بينهم، فنال «عضة» صغيرة كإشارة تحذيرية منها، استخدم عُكازه فى هشّ وإبعاد الحيوانات، لكنها لم تلتفت له، بل حاولت مهاجمته «كلب منهم كان عاوز ينهشنى»، صرخ «صلاح» بصوت مبحوح: «الحقونى.. الواد بيموت.. الكلاب هتاكل الواد»، جمل مُتهدجة لم تُسمع أحدا رغم بزوغ الشمس فى الأفق، إلا أن الشارع يبدو وكأنه مهجور، استيقظ «حسين»، أحد الجيران، على الصوت، نظر من شرفته، فوجد المشهد واضحا، هرول صوب المكان، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، استل فى يده عصا خشبية، فيما أمسك «صلاح» بهاتفه المحمول، طلب رقم النجدة 122، لأكثر من 4 دقائق وهم يستجوبونه قال لهم على كل البيانات، الطفل «أحمد» لا يتحدث، عيناه مُعلقتان فى السماء، مستسلما للكلاب الضارية، حاول «حسين» إبعاد الكلاب، حتى ابتعدت أخيرا، وفى أفواهها قطع من جسد «أحمد» غنيمة لهم.


السم يقتل ولكن لا يحل الأزمة
هربت الكلاب مبتعدة بأجزاء من جسد الطفل الصغير، فيما اقترب منه «صلاح» مخاطبا «حسين»: «تعالى نشيل الواد بسرعة نوديه لأى مستشفى»، ما إن حمل «صلاح» الطفل الصغير حتى سقطت أحشاؤه وأمعاؤه على الأرض، أرقده مرة أخرى، لم يتحدث البتة، الصمت انتقل لهما، تيقنا الآن أن روح الطفل قد فارقته، تذكر «صلاح» وقتها 3 حوادث مماثلة لأطفال وُجدوا فى الصحراء وأجسادهم منهوشة وأعضاؤهم غير موجودة، وقتها حفظت النيابة تلك القضايا تحت عنوان «سرقة وتجارة أعضاء»، قطع تركيزه صوت الجمع الغفير الذى احتشد، الجميع الآن موجودون، عدا الشرطة، تسير والدته من بعيد، تهرول فور معرفتها أن ابنها نهشته الكلاب، لم تتبين أمر وفاته، لكنها فقط ذهبت وجلست بجواره.

بعباءتها السوداء، اخترقت الجمع الغفير حول فلذة كبدها، اقتربت منه، فوجدته مُغطى بملاءة بيضاء، ينشع منها لون دمه القانى، جلست إلى جواره، غير عابئة بمن ينظرون إليها، خاطبت ولدها فى هدوء: «مش أنا قلتلك يا أحمد ما تطلعش.. هو انت طلعت.. ينفع كده؟»، صمت وسكوت يتخللهما ذهول.. ولدها يتنفس بجوارها ينظر إليها وتنظر إليه.. إنه حى ليس ميتا.. هكذا تعتقد.. لا صرخات ولا لطم على الخدود.. فقط مراقبة كل تفصيلة من تفاصيل وجهه المخدوشة بأظافر الحيوانات وجسده الممزق، جاء أمين شرطة تابع للقسم، الشمس قاربت على مغادرة الأفق، وقف إلى جوار الجثة وطلب من الجميع الابتعاد لحين وصول ضباط المباحث والطب الشرعى، طلبت منه «أم أحمد» حمل الولد إلى مكان أفضل، خاطبها أمين الشرطة: «هاتى تصريح الأول يا حاجة».

كعادتها، تنتظر «ملك»، الطفلة التى لم يتعد عمرها الثلاثة أعوام، جملة واحدة تخرج من مكبر الصوت يعتلى أحد المساجد الذى يبعد عن منزلها حوالى 6 أمتار: «السلام عليكم ورحمة الله.. السلام عليكم ورحمة الله»، ترتسم على وجهها ابتسامة، قبل أن تخرج من البيت، تركز عينيها صوب باب المسجد، تنتظر وبفارغ الصبر خروج جدها الشيخ «سعيد»، الذى يعمل خادما لبيت الله، تلوح له بيديها الصغيرتين، هكذا اعتادت فى صلوات «الظهر والعصر والمغرب والعشاء»، لا أعز من الوِلد إلا وِلد الوِلد، صار هذا اليوم مختلفا، لن يمحى لا من ذاكرة الشيخ سعيد ولا حفيدته «ملك»، انتهى من صلاته، ثم خرج من باب المسجد بلحيته الكثة وجلبابه الأبيض كما يعهده الجميع، نظر صوب المنزل، فوجد حفيدته وفى ظهرها 8 كلاب على أهبة الاستعداد، ما إن لوحت الطفلة الصغيرة بيدها له، حتى جذبها الكلاب من الخلف، ظلت تجرها عدة أمتار صوب المنطقة النائية خاصتها، الصُراخ لم يسترق قلوبها، منهمكة فى إنهاء وليمتها، قضمت أجزاء من جسدها، تكاد أنيابها تُحطم عمودها الفقرى، لم ينشغل الشيخ «سعيد» بارتداء نعله، وجرى حافى القدمين صوب «ملك»، قبض بيديه على «طوبة» مُلقاة على الأرض، الجميع التفت لتحركه، فخرجوا من المسجد مُسرعين، فيما تحاول الكلاب حماية فريستها، لم تنظر إلى الدماء التى خرجت منها، ولا إلى الرمال التى ملأت فمها، كل همها هو الخروج من المعركة بأقل الخسائر ولو قضمة من جسد إنسان، تُغنيهم من جوع، تجمع العشرات من حولها، بثوا الرعب قليلا فى نفوس الكلاب، قبل أن تلقى سيدات المنطقة وهن يراقبن المشهد من شرفات منازلهن الحلل والأطباق، علّ صوت ارتطامها يُخيفهم قليلا، استطاعوا إنقاذ الطفلة بصعوبة، قبل أن تظهر مشكلة ثانية، تتمثل فى وجود مستشفى يقبل الحالة «قبلوها أخيرا فى مستشفى المنيرة».

مدير «الحياة البرية»: من الممكن تزاوج الكلاب مع الذئاب.. و«ذوالفقار»: مستحيل
«ابنك ياسر عضه كلب».. هكذا أخبرتها واحدة من الجيران خلال اتصال هاتفى بها، لم تنزعج «أمنية عبدالستار» من الأمر؛ فقصة عضّ الكلاب أمر طبيعى كونهم يقطنون فى تلك المنطقة العشوائية، همّت بالذهاب إلى المكان حيث أخبرتها المُتصلة، لم تجد ابنها «ياسر»، سألت المجاورين، أفادوها بأن أصحاب الخير ذهبوا به صوب المُستشفى التخصصى بالمقطم، تسلل إلى قلبها الخوف قليلا، داخل المستشفى رأت جمعاً غفيراً من أهالى المنطقة يُحيطون بأحد الأطفال، جسده مُلقى على «التروللى» الخاص بالمستشفى، عيناه مفتوحتان، لكنهما لا تتحركان يميناً ولا يساراً، جسده مُمزق «عارف لما تجيب قطعة لحمة وتقطع فيها.. أنا ابنى كان لحمه كله باين»، هكذا تصف الوضع، رأسه الذى كان يحمل فوقه شعراً غزيراً تحول إلى فروة حمراء اللون، ترى عظام جمجمته بالعين المُجردة، لا تحتاج إلى عدسة مُكبرة، أخبرها أحد الأهالى: «ابنك عضه كلب.. بس الحمد لله لحقناه»، تخاطب الأم طفلها الأكبر، لكن حالة الذهول والصمت طغت عليه.. تتذكر وقت أن خرج «ياسر» من المدرسة فى الثانية ظهرا، ثم توجه إلى الدرس الخصوصى، لتتلقى فى حوالى الثالثة عصراً خبر إصابة ابنها، يقول «ياسر» بلهجة طفولية تخللتها الحروف الساقطة ولدغة فى حرف السين: «حوالى 12 كلب طلعوا علىّ وأنا مروح.. كنت بضربهم.. بس هما كانوا بيعضونى جامد فى جسمى كله».. جاءت الممرضة على استحياء تطلب من الأم مغادرة المستشفى هى وولدها، سألتها عن السبب، فأجابتها: «إحنا عملنا اللازم.. انقلوه أى مستشفى تانى»، حتى الساعة الحادية عشرة مساءً والأم تجوب بابنها المستشفيات، لم يقبله أى منها، أكثر من 7 شهور، والطفل ما زال يتلقى العلاج حتى الآن، آثار الجروح ما زالت موجودة، فروة رأسه المُهترئة أضحت سببا وجيها كى لا يذهب إلى المدرسة، ورغم مرور هذه المدة، فإن الأم تُعانى كل ليلة؛ فطفلها الذى يبلغ 11 عاما لا ينام إلا ويستيقظ مفزوعا، يأتى الفجر ويصبح نباح الكلاب هو الصوت الوحيد المُسيطر، وكأنها تخبره بأن معركتها لم تنته، وأنها لا بد أن تنال منه، لم تكتفِ بما أحدثته به، ليستيقظ الطفل مفزوعا من نومته: «حاسس إن الكلاب مش هتسيبنى فى حالى»، يُضيف «ياسر» والدموع تنهمر من عينيه.

بين أركان قسم المُقطم، خرج النقيب محمد بهاء -معاون المباحث- من مكتبه، شاب فى منتصف الثلاثينات، يرتدى زياً مدنياً، قال فى نبرة لا تخلو من الثقة: «دى مسئولية الحى، هو المنوط به إنهاء هذه المهمة بالكامل» مؤكداً أنه من المستحيل أن تخرج حملة من القسم لقتل الكلاب الضالة دون تكليف رسمى لها من وزارة الداخلية «عشان أطلع بذخيرة من عندى، لازم يتعرف الطلقات دى هتضرب فين وإمتى.. لأن إحنا بنتحاسب على كل طلقة»، مشيراً إلى مهام ضابط المباحث: «مسئوليتنا البحث عمّن قتل، حرق أو سرق.. وليس منوطا بنا البحث عمّن يعُضّ»، مُضيفاً: «يعنى احنا هنطارد المجرمين ولا الكلاب؟».

«الكلاب من الممكن أن تتزاوج مع الذئاب، ولكن من المستحيل أن تتزاوج مع الثعالب».. كلمات يؤكدها الدكتور راضى فخرى -مدير إدارة الحياة البرية فى الهيئة العامة للخدمات البيطرية- مُضيفا أن المولود عن تزاوج الكلب بالذئب يكون أشد فتكاً وأكثر شراسة، مشيراً إلى ضرورة وجود فريق عمل لبحث الأمر بشكل علمى، وأخذ عينات من الكلاب التى تهاجم الأطفال، مستنكرا فكرة إلقاء السموم لها.

دقت الساعة العاشرة صباحاً، فيما كانت تقطع الحاجة «بدرية» طريقها إلى المنزل، بعد أن أوصلت ابنتها «ندى» إلى الحضانة، كان الشارع خافتاً، اللهم إلا صوت نباح الكلاب، لم تلتفت للأمر، ولم يستلزم الأمر كثيراً أيضاً، ففى طرفة عين، أحاط ما يقرب من 12 كلبا بها على شكل دائرة، أضحت هى مركزها، حاولت هشّها بيديها: «كانوا كلهم خايفين إلا كلب واحد.. لونه بُنى وشكله غريب وضخم»، هو من بدأ بالهجوم، صوب فخذها غرز أنيابه، بينما ركز بقية الكلاب على باقى أجزاء جسدها، كانت قطع اللحم تسقط منها، تراها «بدرية» بعينيها، انهمك كلب آخر فى تناول قطعة من أُذنها اليُمنى، عباءتها الحرير تسمع أصوات تمزيقها، كل هذا ولم تفقد وعيها، حاربتها بأقل الإمكانات، ملأت يديها بالرمال وألقتها فى عيونها، لكنها لم تتأثر، همت بتكرار التجربة، لكن أحدها غرز أنيابه فى أعلى يديها، لينال نصيبه من الفريسة، صُراخ من السيدة، وصمت من القطيع، تذكرت «بدرية» قصة فى الأثر، ملخصها أن رجلا مؤمنا يسكن كهفا، استطاع أن ينتصر على لص حاول قتله، بالدعاء: «يا مغيث أغثنى»، قالها 3 مرات ونجاه الله، وكررتها «بدرية»، لم يخالجها ذرة شك بأن الله سيخذلها، جاء شاب فى العشرينات من العمر، نجدة لها، كان يقبض فى يديه بعصا، لوّح للكلاب بقوة فابتعدوا عن «بدرية»، بعدها مباشرة بثوانٍ قليلة، وجدت جمعاً غفيراً من السيدات، يحاولن إنقاذ جارتهن، تُصاب بالقشعريرة وقت تذكرها الحادث، تشعر وكأن الكلاب ما زالت تنهش فى جسدها، تمزيق اللحم له صوت لا تستطيع نسيانه «أنا ما واجهتش الموت.. دى حاجة أقوى من الموت»، انتهت وصلة العذاب، ليبدأ عذاب من نوع آخر بين المستشفيات، حتى استقرت أخيراً فى أحدها «شهرين راقدة ما بعرفش أنام من الألم»، كانت تعانى هى والطبيب الذى ينظف جروحها: «كان بيحتار يبدأ بأى جرح الأول».


«الوطن» مع أطفال تستمع لروايتهم
«من المستحيل أن يتزاوج الذئب مع الكلب».. كلمات تؤكدها دينا ذوالفقار، الناشطة، قبل أن تُضيف: «جهل الناس هو السبب فى هجوم الكلاب عليهم»، مشيرة إلى أن منطقة المقطم تعتبر ظهيرا صحراويا، ومن المحتمل أن توجد فيها حيوانات خطرة، موضحة أنها حضرت الندوات التى اختصت بدراسة هذا الموضوع، وأن السبب فى لعب الأطفال فى الشارع، دون رقيب عليهم حتى من الأسرة، هو عدم توافر مساحات خضراء يتم استخدامها كنواد لهم «الدولة عليها لوم عدم الاعتناء بالمواطنين فى المناطق العشوائية»، بعد أن قُتل «أحمد» بواسطة الكلاب، جاءت هيئة من إدارة الطب البيطرى، وقطعوا أجزاءً من اللحوم، ووضعوا السُم فيها، وألقوها فى المناطق النائية، حتى يتم التخلص من الظاهرة، وهو ما ترفضه «ذوالفقار»، موضحة: «المفروض نعمل إخصاء وتطعيم للكلاب وليس قتلها».

الحى مشغول بالإزالات.. والقسم تفرغ للمجرمين.. وشباب بالمنطقة قرروا «توعية» المواطنين
على مقربة من البلدوزر، وقف اللواء عبدالسميع وهدان -رئيس حى المقطم- يلوّح لسائقه بيديه، طالبا منه إزالة الإشغالات التى تحتل مساحة من الطريق، فور سماعه قصة الكلاب التى تأكل الأطفال فى المقطم، يُخرج إحدى طلقات الخرطوش من جيبه مُتحدثاً «الكلاب دى شغلتنا.. إحنا فاضيين لها خلاص.. ما حدش هيتعض تانى»، مؤكداً أنه يمتلك بندقية صيد، ومن حين إلى آخر يذهب صوب المناطق الجبلية المتاخمة لمساكن المواطنين، لقتل الكلاب الضالة «بعتبر ده موضوع شخصى.. أنا مش هسيب الناس تتعض تانى»، مُلقياً اللوم على الأهالى الذين يربون الدواجن والماعز والبط، التى تأتى الكلاب من أجلها، إلا أن رئيس الحى يجد أن الأزمة الحقيقية التى تواجهه هى عدم تناول الكلاب التى تهاجم المواطنين للسم «مستوى ذكائها شديد جدا».

محمد رمضان، أحد أعضاء حملة «أنا من المقطم» -مجموعة من الشباب ينقلون مشاكل المنطقة على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك- يقول إنهم نظموا فعاليات وعقدوا ندوات لحل الأزمة، لكن دون مُجيب، «رمضان» يعرف جيدا الكلاب بحكم تربيته لها «الكلب البلدى بيخاف من الناس.. لكن الكلاب اللى بتهاجم الأطفال فى المقطم ما بتخافش.. وشكلها غريب»، آخر ما فعلته الحملة الشبابية هو الذهاب ومحاولة البحث عن الكلاب التى تهاجم المواطنين، بعد جمع أوصافها، إلا أن المشكلة التى تواجههم عدم وجود أى دعم من الحى أو قسم الشرطة، ليكتفى الشباب بتوعية الأهالى وجمع توقيعات لحل مشكلة الكلاب الضالة. يتذكر «حسين» وهو ينظر إلى جثة الطفل أحمد حمدى قصة الطفلة التى وجدوها مقتولة فى المنطقة الفضاء أمام المساكن، كانت طفلة لا يتعدى عمرها 9 أعوام، خرجت فى السابعة صباحا من أجل جلب الفطور لأسرتها، فعادت جثة هامدة «الكلاب كلت أغلب أجزاء جسدها تقريبا.

على أعتاب مستشفى الحميات بمنطقة العباسية، افترش «على هندى» الأرضية، يحمل على يديه ابنه الأكبر «أحمد»، محاولا استقرار نومه على بطنه، خرج «أحمد»، الطفل صاحب الـ9 أعوام، ليشترى احتياجات المنزل، خرج مُهندماً وعاد إلى المنزل محمولاً مُخضباً بالدماء، الجزء الأسفل من ظهره (المؤخرة) غير موجود، الآن أضحى فى فم الكلاب، تتناوله بنهم، لم يكن يتخيل أن يضحى ابنه فريسة سهلة بين أنيابها، فى الوقت الذى قطع استرجاعه للحدث صوت طبيبة وهى تخاطبه فى لهجة حادة: «خد ابنك وابعد عن الطرقة شوية»، «إيه يعنى عضه كلب؟ مش مهم»، لم تمر أيام على هذه الواقعة، وبينما هو يصلى الجمعة فى مسجد «البحر الأحمر» دخل حوالى 7 كلاب عليهم ليقطعوا الصلاة: «سبنا الصلاة وجرينا ورا الكلاب».

0 التعليقات:

إرسال تعليق