الجزائر تاريخ عظيم ومستقبل غامض .. فهل ستنجو بتاريخها وحاضرها؟
كتب محرر قسم السياسة العربي:
اليوم وبعد مرور ما يقارب الثلاث سنوات على مرور ما يسمى بالربيع العربي نجد أنه لم يكن الا "خريفا عربيا"، جلب الويلات والمصائب للعرب وللوطن العربي، فبعد خروج اول مظاهرة في تونس وسقوط أول قطرة دم على الارض التونسية، بدأت شلالات الدماء تجري في مختلف الدول العربية، وكأنه فايروس انتقل من دولة الى اخرى دون وجود أي مقاومة لدى معظم الدول العربية، ولربما السبب الرئيسي هو الدعم الغربي الامريكي لهذا الفايروس ، ومساعدته على الانتشار في جميع أنحاء الوطن العربي، وبسبب وجود حاضنة شعبية لهذا الفايروس بسبب ضعف المناعة الناتجة عن أخطاء الأنظمة الحاكمة للبلدان العربية.
وبعد كل هذه الأحداث التي جرت و تجري، نجد أن هنالك القليل من الدول العربية التي استطاعت أن تصمد، واستطاعت أن تتجاوز الاحتجاجات الشعبية التي بدأت تظهر في بلدانها، وذلك إما عن طريقة حكيمة أو بطريقة قمعية ترافقت بتنازلات لدول غربية كانت مطلوبة منها كالسودان.
من الدول التي تمكنت تجاوز هذه الكارثة واستطاعت أن تنجو من "الربيع العربي" الجزائر، فتمكن النظام الحاكم في الجزائر والشعب الجزائري من أن يجنبوا بلادهم من الخراب والانقسامات الداخلية التي طرأت على جميع الدول التي ضربها هذا الربيع.
ولكن هذا الأمر لم يرق للغرب وأمريكا ودول الخليج العربي الراعي الاول لفوضى الشعوب، لذلك بدأت محاولات زج الجزائر في حروب ونزاعات خارجية، وكان بداية الأمر عندما قررت فرنسا محاربة تنظيم القاعدة في مالي التي تقع جنوب الجزائر، وحاولت فرنسا أن تستدرج الجزائر من أجل أن تتدخل في الحرب ضد تنظيم القاعدة في شمال مالي، ولكن الجزائر استطاعت وبحنكة عسكرية وسياسية أن تحيد نفسها عن الحرب في مالي وبدرء خطر تسلل القاعدة الى اراضيها.
ولم تتوقف محاولات توريط الجزائر في مشاكل ومآزق خارجية، فقامت دول الخليج بالضغط بكل ثقلها على الجزائر من أجل أن تتخذ مواقف معادية لبعض الدول العربية والأقليمية تكون منحازة إلى الموقف الغربي الامريكي، لكن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل بسبب رفض الجزائر أن تتخذ مثل هذه المواقف التي كان من شأنها أن تأجج الخلافات وتزيد الطين بلة في داخل بعض الدول العربية مثل سورية ومصر.
وبالرغم من أن القيادة الجزائرية والشعب الجزائري حاولوا تحييد بلدهم عن اي نزاعات داخلية او خارجية، إلا أن الحفاظ على الجزائر لم يكن بالأمر السهل، خاصة و أن الجزائر بدأت تعاني من لعنة الجوار، فهي محاطة بدول مشتعلة ولا تعرف الاستقرار.
فمن الشرق ليبيا التي أصبحت مرتعا للقاعدة والمجموعات الارهابية والقبائل المنقسمة المتناحرة في ما بينها وذلك بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي، وأصبحت من أهم الدول المصدرة للإرهاب والإرهابيين، فواجهت الجزائر بعد سقوط معمر القذافي مشاكل عديدة مع ليبيا واهمها تسلل مئات الارهابيين والمتشددين من ليبيا الى الجزائر، ناهيك عن محاولات تهريب السلاح الى داخل الاراضي الجزائرية.
ومن الشمال الشرقي تونس الجارة الاصغر التي تشهد فوضى عارمة بعد سقوط رئيسها زين العابدين بن علي ووصول الأخوان المسلمين الى سدة الحكم، مما أجج الخلاف بين الاطياف السياسية والشعبية في تونس ونتج عنه نشوء مجموعات ارهابية إسلامية متشددة، ادخلت بعض مناطق تونس المجاورة للحدود الجزائرية الليبية في دوامة عنف، مما أجبر الجيش الجزائري على التدخل ومساعدة الجيش التونسي في مكافحة الخلايا الإرهابية في الجبال التونسية الجزائرية المشتركة.
أما من الجنوب هناك مالي والنيجر الدول الافريقية المليئة بالثروات والتي لم تعرف معنى الاستقرار منذ التحرر من الاحتلال الفرنسي، حيث ونشئت فيها تنظيمات اسلامية تابعة لما يسمى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب.
وموريتانيا جارة الجزائر من الجنوب الغربي الجارة الأكثر فقراً والأكثر انقساماً وتناحراً، هي بمثابة البيئة الحاضنة حيث سمحت بتمدد ودخول تنظيم القاعدة الى وسط موريتانيا، مما سنح للأخيرة السيطرة على مساحات واسعة من الاراضي الموريتانية.
والاهم من بين كل هذه الدول هي المملكة المغربية والخلاف التاريخي بين المغرب والجزائر، الخلاف الذي نشأء بعد استقلال الجزائر بعام واحد ونشب على أثره حرب دامت بين البلدين لمدة عام كامل تقريبا، ادت الى انقطاع العلاقات بين البلدين، ويعود سبب الخلاف الرئيسي لدعم الجزائر للمتمردين في الصحراء الغربية في المغرب المطالبين بالانفصال عن المملكة المغرية " البوليساريو".
والآن عاد الخلاف ليتصدر المشهد بين البلدين بشكل مفاجئ دون سابق انذار، وخاصة بعد ان سحبت المغرب بعثتها الدبلوماسية المتواجدة في الجزائر وطرد السفير الجزائري واقتحام بعض الشبان المغاربة سفارة الجزائر وانزال العلم الجزائري وتمزيقه، هذا كله ادى الى إشعال السجال السياسي والدبلوماسي بين البلدين، ومن المتوقع بأن تتأزم الامور اكثر فأكثر.
الجزائر ومنذ اعلان استقلالها الى اليوم اتخذ خطا قوميا وسارت عليه، فكانت جميع مواقفها داعمة للقضايا العربية وبالاخص القضية الفلسطينية، ودعمت العراق ابان الغزو الامريكي له، وفي الملف السوريي كانت من ابرز الدول العربية التي وقفت الى جانب سورية في وجه القرارات الجائرة بحقها، فرفضت اي تدخل خارجي بالشأن السوري ورفضت تجميد عضوية سورية في الجامعة العربية واعطاء مقعدها الى الإئتلاف المعارض، رغم الضغوط الغربية والخليجية بالاخص بقيت الجزائر على موقفها القومي العروبي.
فهل ستقبل دول الخليج العربي بمثل هذا التحدي الجزائري لقراراتها في البيت العربي، والسؤال الاهم هل نسي وغفر الغرب لدولة المليون ونصف المليون شهيد التي قاومت حتى تحررت من نير الاحتلال وظلمه، لطالما أن هذا الغرب قد عمل و يعمل على معاقبة كل أصوات الحرية والقومية و التحرر؟.
المقالات
2013-11-05
08:16
0 التعليقات:
إرسال تعليق