حين نقف مع الفن ما بين الماضي والحاضر محمد عساف يزلزل مسرح عرب ايدول
حين نقف مع الفن، فإننا نقف مع الحياة، اليوم راجعت قنوات اليوتيوب، لاتعرف على هذا الولد الوسيم الذي يحمل اسم محمد عساف، الرشيق كملح غزة، المسنون كنصل فينيقي، المدقوق كرمح بعود الزين.. لم أشأ ان أفكر بالانحياز، له، لكنه كان يجبرني على ان انحاز لحنجرته، لروحه المذهبة بتطريزات عرق البط والحمام والوز على ثياب ورّادات الماء في عيون جبال وطني المسروق.
لا لم انحز له لانه فلسطيني فقط
ولا لانه صاحب صوت جميل فقط
ولا لانه يمتلك حضورا جذابا فقط
ولا لانه غنى لفلسطين على قناة قلما يأتي ذكر فلسطين فيها فقط
ولا لانه تمكن لبرهة من أن يجعل ابنتي الصغيرة؛ تشدو بفرح "علّي الكوفية"، فقط..
وليس لانه أعاد للذاكرة ان ثمة وطنا مسروقا، يبزغ منه عنادل وشعراء ومفكرون من تحت المزاريب والدلف والبيوت الداكنة.. فقط
لا، انحزت له لأنه ذكرني بتلك القوة التي تصنع المعجزات فقط لانها تعرف ما تريد..
وانحزت له لانه ابسط من الماء، وأدق من همسة طفلة تناغي الهواء وأرشق من طيف يسرح في المدى..
وانحزت له، لأنه كل هذا..
،،
الغناء، يا من تدقون على لحاكم وترتعون في حقول البرسيم، روح تحملها قيم الشعوب، وذاكرتهم، وتظل متصلة في ارواح ابنائها، لتبزغ مثل فرج ساطع، وهو علامة مشرقة على لحظة تتقدم نحو الامل، وليس مبالغة ان نرى في هذا الولد البهي، طلة الامل التي نحلم بها،فهو لم يتم تزويقه او سرقة روحه أو العبث بحنجرته ليكون على ما هو عليه، لا، انه هو؛ نحن، وليس ممن تحتلهم قتامة الحمقى الرافضين للامل والغناء والفنون، من أصحاب النفوس المشقوقة باللهاث من اصحاب اللحى المدببة والاباريق المدلاة على خاصرة الحور العين..
ولمن لا يعرفون ان الغناء روح الامم وقوة نبضها الحضارية والمتمدنة والعارفة، اتذكر فيكتور جارا، الذي أوقع الطغاة في فخاخ رهبته حتى بعد ان اعدموه.. وانتزعو ا حنجرته وقطعو اصابعه، فقد بقي صدى صوته يضج في الميادين والساحات العامة.. وبظل حيا الى يومنا يشدو للحرية والجمال والحب..
..
نعم ..انحاز لمحمد عساف، لصوته ولألقه ولتفوقه الاسطوري في انتاج لحظةامل جديدة لنا في الابداع والفن، بعدما اخمدت الكثير من اللحظات المشرقة في حياتنا..
وعلي الكوفية يا محمد، ويسعد ربك كما يقول اصدقائي له، يسعد ربك يا ابن غزة
0 التعليقات:
إرسال تعليق